قرصان الاقتصاد
راحت السكرة وجاءت الفكرة. أخيراً تنبهت الحكومه لضروره التعامل بحذر مع ملف القروض الخارجيه أسعدني كثيراً ما أعلنه الدكتور محمد معيط من ان وزارته سترسل الي مجلس الوزراء خلال أسابيع خطه لاداره ديون البلاد تتضمن وضع حد أقصي للاقتراض الخارجي وكنت اتمني لو انه اعلن عن خطه للتوقف الفوري عن الاقتراض الخارجي الا للمشروعات التي تدر عائدا بالنقد الأجنبي يتم من خلاله سداد القروض.
مصادفة اطلعت خلال اليومين الماضيين علي كتابا بعنوان الاغتيال الاقتصادي للأمم اعترافات قرصان اقتصاد لجون بركنز (وهو احد قراصنه الاقتصاد) حسب اعترافه.
يلقي الكتاب الضوء علي مايطلق عليهم قراصنه الاقتصاد وهم خبراء محترفون ذو أجور مرتفعه مهمتهم تشجيع اقتراض الدول من خلال دورهم كمستشارين اقتصاديين.
هؤلاء الخبراء هم من يقومون بإعداد الدراسات التي بناء عليها توافق المنظمات الدوليه علي تقديم قروض للدول الناميه المستهدفه بغرض تطوير البنيه الاساسيه وبناء محطات توليد الكهرباء والطرق والمطارات والمدن الصناعية
المثير في اعترافات بركنز هو تأكيده ان مقياس نجاح الخبير يتناسب طرديا مع حجم القرض بحيث يجبر المدين علي التعثر بعد بضع سنوات وهو ماخلق دوليا ما يطلق عليها ازمه القروض الدولية ويحدد بركنز نماذج التنبؤ التي يستعين بها الخبير لدراسه تاثير استثمارات مليارات الدولارات في بلد ما علي النمو الاقتصادي المتوقع لسنوات قادمه ولتقويم المشروعات المقترحه ويكشف الطابع المخادع للأرقام ما يحدث في ساحه القروض الدوليه يدعم بعضا مما قاله بركنز فاذا نظرنا لساحه القروض الدوليه لوجدنا انه قد ابتعد المقترضون عن الدائنين الرسميين التقليديين مثل المؤسسات المتعددة الأطراف وأعضاء نادي باريس ، وهي مجموعة من البلدان الدائنة الرئيسية نظمت لتقديم إعادة جدولة الديون أو تخفيضها إلى البلدان المدينة في حالة استغاثتها لقد انتقلوا نحو الدائنين الثنائيين غير الرسميين في نادي باريس، وقضايا السندات السيادية، والمقرضين التجاريين الأجانب الآخرين، والمصادر المحلية - وخاصة البنوك
هذه الأشكال الجديدة للائتمان الخاص غالبا ما تأتي بتواريخ استحقاق أقصر ومعدلات فائدة أعلى ، مما يؤدي إلى زيادة أعباء خدمة الديون للبلدان المقترضة وارتفاع مخاطر التقلب عند نفاذ هذه الديون والأكثر من ذلك ، فإن هؤلاء الدائنين، بخلاف أعضاء نادي باريس ، ليس لديهم آليات جاهزة للتنسيق مع الدائنين الآخرين، الأمر الذي من شأنه أن يجعل أي حل للديون المطلوب أكثر صعوبة.
الأصل في الدين أو القرض أنه نوع من الاستثمار لكل من الدائن والمدين، الدائن يحصل علي عائد استثماره من الفوائد، والمدين يحصل علي عائد استثماره من توظيف المال في بناء قواعد انتاجية جديدة، أو حل مشكلات وعثرات بقواعد إنتاجية قائمة، أو غيرها من الأنشطة التي تمت دراسة جدواها بدقة قبل الاستدانة، للتأكد من أن العائد علي النشاط الذي سيستثمر فيه القرض أو الدين يغطي خدمة الدين كاملة "اقساط وفوائد وغرامات تأخير إن وجدت" بالإضافة إلي هامش ربح معقول.
ومن ثم فان ارتفاع العجز العام ومستويات الديون ليست بالضرورة غير مرغوب فيها عندما تقترض الدول من أجل دفع تكاليف الاستثمار في البنية التحتية ، فإن ذلك يمكن أن يعزز النمو على المدى الطويل ، والذي بدوره يولد الإيرادات لخدمة الدين الأعلى.
أخيرا. تفيق الحكومة لتجد أن مديونياتها الخارجيه بلغت ٨٨ مليار دولار وهو ما دفع مجلس الوزراء لبحث كيفية مواجهة هذا المستوي غير المسبوق من المديونية الخارجية لم اشعر بالارتياح لتصريحات محافظ البنك المركزي، ردا على مخاوف ارتفاع الدين الخارجين لأكثر من 88 مليار دولار، بالقول أن مصر جنبت نحو 20 مليار دولار من القروض التي حصلت عليها في آخر عامين، لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي
وفقا لعامر العشرين مليار دولار تم شيلهم على جنب، وان الاستدانه في هذا الوقت كانت في محلها لان الأسواق في الخارج اختلفت النهاردة ولو روحنا مش هنقدر ناخد زي اللي اخدناه.
ولكن هل من المنطق السليم أن تقوم دولة أو مؤسسة بالاستدانة، ثم تجمد ما استدانته "علي جنب"، وهي تعلم أنها ستقوم بتحمل اعباء "خدمة الدين"، من أقساط وفوائد وغرامات تأخير في سداد القسط والفائدة إن كان هناك تأخير.
الجرأة في الاستدانة، والاستسهال وإغماض العين عن تأثيراتها السلبية وإلقاء عبئها وتبعاتها على كاهل الأجيال المقبلة قفز بالديون العالمية الي رقماً قياسياً جديدا حيث بلغت نحو 164 تريليون دولار في عام 2016 ، أي ما يعادل 225 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
وعلى الرغم من ارتفاع ديونهم ، فإن أكثر من نصف البلدان المنخفضة الدخل ما زالوا معرضين لخطر التخلف عن الوفاء بالتزامات خدمة الديون
ومع ذلك ، تضاعف تقريباً نصيب البلدان التي ترتفع فيها مخاطر الديون ، مثل غانا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وموريتانيا ، أو عجزت بالفعل عن سداد ديونها بالكامل إلى 40 في المائة منذ عام 2013
هذه البلدان بحاجه إلى التاني عند طلب ديون جديدة ، مع التركيزبشكل أكبر على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر و على المشاريع ذات معدلات العوائد العالية بشكل موثوق وتحسين تقارير الديون الخاصة بهم للسماح لهم بدقة لتتبع تطور أوضاع الديون الخاصة بهم.وعلى المقرضين أيضاً تقييم تأثير القروض الجديدة على مراكز الديون للمقترضين قبل تقديم قروض جديده .